الفقر ..اول الاسباب
في بيان لها ، اعلنت وزارة التخطيط عن تراجع نسبة الامية وارتفاع معدلات الالتحاق بالدراسة الابتدائية خلال العام 2019 . وقال المتحدث الرسمي باسم الوزارة عبد الزهرة الهنداوي :" ان وزارة التخطيط اجرت مسوحا ميدانية واعدت دراسات وتقارير احصائية بالشراكة مع المنظمات الدولية ، وتبين لها ان نسبة الامية في العراق بين السكان الذين تزيد اعمارهم عن عشر سنوات بلغت 13% ، وان نسبة الالتحاق بالمدارس الابتدائية بلغت 93% ..
ربما كان هذا البيان يبشر بخير بناء على الاحصائيات الرسمية ، لكن للمواطنين والمختصين آراء اخرى ، اذ يرى حسين طوفان / بائع متجول / ان سبب الامية هو الفقر ، فهو على سبيل المثال لايملك راتبا ويسكن في بيت للايجار ولديه عدة اطفال يعجز احيانا عن سد رمقهم ، فكيف يمكنه الحاقهم بالمدارس وتحمل مصاريف دراستهم ، لذلك كان الافضل بالنسبة له ان يستعين بهم لمساعدته على صعوبة العيش . وهكذا بدأ ابنه الاكبر مؤخرا بممارسة نفس مهنته ، ولابد ان المصير نفسه ينتظر شقيقه الاصغر ..
اما مروان حاتم / معلم / فيرى ان اسباب عودة انتشار الامية هي الفقر وعسكرة المجتمع وعدم الحصول على وظيفة ، مادفع بعض العوائل الى اختصار الطريق وزج اولادها في سوح العمل بدلا من الحاقهم بالمدارس ، فضلا عن وجود اسباب اخرى مهمة مثل الحروب والميليشيات والنزوح والتسرب من المدارس والفساد والاهمال الحكومي ،مشيرا الى اهمية القضاء على البطالة قبل كل شيء لان الجانب الاقتصادي هو العامل الاهم لمواصلة التعليم ، كما ان التعليم اصبح رديئا والمدارس لاتمتلك ابسط الشروط الملائمة لاستقطاب الطلبة ..
من جهته ، يرى الخبير الاقتصادي رائد الهاشمي :" ان الامية هي انتقاص من كرامة الانسان. والعراق من البلدان التي ابتليت مؤخراً بانتشار هذه الظاهرة الخطيرة .
وقال الهاشمي انه :" جاء في احدث تقرير صادر عن اليونسكو ان نسبة الاميّة في العراق وصلت الى اكثر من 47% , وهذا يعود الى اسباب عديدة منها تردي الاوضاع الاقتصادية والامنية والسياسية والاجتماعية وتراكمات الحروب والهجرة والنزاعات الداخلية والنزوح والعوز المادي وتدني المستوى المعاشي وفشل الادارة الحكومية في ادارة ملف التعليم فشلاً كاملاً ".
وتابع :" ان الامية تساعد على زيادة معدلات السرقة والقتل والجرائم في المجتمع , لذا من واجب الحكومة ان تستنفر جهودها في وضع ستراتيجية علمية دقيقة لمكافحة الامية ووضع ضوابط صارمة لمحاسبة كل من يخلّ بهذه التوقيتات ، وعلى الحكومة تقديم مقترحات للبرلمان لتشريع قوانين جديدة لمكافحة ظاهرة تسرب الطلاب من المدارس ووضع اولياء امور الطلبة المتسربين تحت طائلة القانون ".
وشدد على ان :" ان الامر لايقتصر على الدور الحكومي فقط في مكافحة ظاهرة الاميّة ، فهناك دور هام جداً يقع على عاتق منظمات المجتمع المدني واولياء الامور وشيوخ العشائر ورجال الدين ووسائل الاعلام المختلفة في تثقيف الناس بخطورة هذه الظاهرة على المجتمع وعلى الفرد ، ويجب ان يشترك الجميع في هذه الحملة للاسهام في تقليل معدلاتها التي وصلت الى مرحلة خطرة تهدد امن مجتمعنا وامننا".
مراكز لمحو الامية
بعد تفشي الامية من جديد في العراق ، انتبهت الجهات المختصة في الحكومة العراقية الى خطورة هذه الظاهرة وتم تشكيل هيئة عليا لمحو الامية برئاسة وزير التربية وتشريع قانون لمحو الامية بالرقم 23 للعام 2011 ، وتم تشكيل جهاز تنفيذي لمحو الامية يأخذ على عاتقه الامور اللوجستية والفنية للمشروع ..
وذكر مدير العلاقات والاعلام في الجهاز مؤيد العبيدي :" ان الحملة انطلقت في العام 2012 ، وتم فتح اكثر من 6000مركز في عموم العراق استقطبت العديد من الطلبة الذين بلغ عددهم مايقارب 530 الف طالب وتخرجت ست دفعات ، اما المعلمون فاغلبهم من المتطوعين والمحاضرين بشكل مجاني ..كما شمل المشروع اطلاق برامج لتعليم المنتسبين في الوزارات ممن لم يكملوا تعليمهم وافتتاح مراكز لتنمية المهارات وخاصة لدى العنصر النسائي ، بتوفير ورش للخياطة والحلاقة والصناعات الغذائية وغيرها مما يمنح المرأة تعليما ومهنة تعينها على مواجهة الحياة ".
وعن العوائق التي تعترض تطور المشروع ، اوضح العبيدي :" ان المشروع كان يصرف حوافز مالية للدارسين والمحاضرين، لكن ايقاف صرفها بسبب التقشف ادى الى تراجع عدد الملتحقين بالمراكز ، كما ان عدم وجود تعداد عام للسكان حال دون حصر عدد الاميين في البلد "، مشيرا الى حاجة المشروع الى دعم الدولة والتخصيصات المالية ..
مؤخرا ، احرزت احدى دارسات مراكز محو الامية في كركوك المركز الاول في مسابقة الجائزة العربية للمتحررات من الامية بجدارة بعد منافسة قوية بين المشتركات في المسابقة ، التي نظمتها جمعية المرأة والمجتمع في مصر عن طريق منصة ZOOM الالكترونية بسبب جائحة كورونا ، مايعني ان تلك المراكز قدمت الكثير للطلبة الملتحقين بها ، لكنها لاتعني بالضرورة حل مشكلة الامية بشكل جذري في العراق لان نقص التمويل وتفشي الفقر في العراق سيسهمان حتما في ابعاد الطلبة عن مقاعد الدراسة ./ انتهى
ليصلك المزيد من الأخبار اشترك بقناتنا على التليغرام