وقال للوكالة الوطنية العراقية للأنباء/نينا/ إن أسباب إنتشار مرض السكري بين الأطفال، يعود لعدة عوامل: منها وراثية ومناعية، حيث إن السكري للنوع الأول مرض مناعي ذاتي، يهاجم جهاز المناعة لخلايا البنكرياس المنتجة للأنسولين، مبينا إن الأطفال الذين لديهم تأريخ عائلي للسكري، هم الأكثر عرضة للإصابة بهذا النوع، ومنها التغيرات البيئية فالتعرض لبعض الفيروسات (فيروس كوكساكي)، أو العوامل البيئية الأخرى كنقص فيتامين (د)، قد يحفز ظهور المرض، إلى جانب التحضر وتغيّر نمط الحياة وزيادة الإعتماد على الأغذية الجاهزة وقلة الحركة، فقد أدى ذلك إلى ظهور النوع الثاني للسكري (Type 2 Diabetes) بين الأطفال، وهو ما كان نادراً سابقاً، وكذلك مضاعفات ما بعد كورونا: إذ لوحظ في السنتين الأخيرتين ان بعض الأطفال أصيبوا بالسكري بعد إصابتهم بفيروس كورونا، ويعتقد أن الفيروس يسبب التهاباً بنكرياسياً ويحفز الاستجابة المناعية المؤدية للسكري، فضلاً عن الضغوط النفسية والعاطفية، فقد أشارت الدراسات إلى أن الضغط النفسي الشديد، يكون عاملاً محفزاً لظهور السكري، لدى الأطفال القابلين وراثياً للإصابة.
وأضاف ان الأعراض الكلاسيكية لمرض سكري الأطفال، عادةً تكون مفاجئة وتشمل: العطش الشديد، والتبول المتكرر، وفقدان الوزن المفاجئ، وزيادة الجوع، والإرهاق والضعف العام، بالإضافة إلى بروز رائحة في الفم، تشبه رائحة الفاكهة (في حالة الحماض الكيتوني السكري)، والفئات العمرية الأكثر عرضة للإصابة بالنوع الأول هي من عمر (5 - 7) سنوات (بعد دخول المدرسة)، ثم الموجة الثانية فتكون عند عمر البلوغ (11- 13) سنة، أما سكري النوع الثاني فأصبح ظهوره بعد عمر (10) سنوات، خاصةً مع زيادة الوزن والسمنة.
وتابع في النوع الأول من مرض السكري: لا توجد وسيلة فعالة ومضمونة للوقاية منه، لكونه يعد مرضاً مناعياً ذاتياً، ويحتاج دائما إلى علاج مستمر بالإنسولين طوال الحياة، وأحياناً قد يمر الطفل بفترة تسمى بشهر العسل، حيث تخف الأعراض ويقل احتياجه للإنسولين لفترة قصيرة، لكنها مؤقتة والمرض لا يختفي، أما النوع الثاني فيمكن الوقاية منه، عبر تشجيع الأطفال على النشاط البدني، والحد من تناول الأغذية الغنية بالسكريات والدهون، والمحافظة على الوزن الصحي، وإجراء الكشف المبكر عن مقاومة الإنسولين، لدى ذوي السمنة.
وعن تأثير السكري على الحياة المستقبلية للأطفال، ذكر الرجب
انه يمكن للطفل مع استمرار الإلتزام بالعلاج وضبط السكر، أن يعيش حياة طبيعية عامة، فيتعلم ويعمل ويتزوج، وينجب أطفالاً أصحاء من ناحية الوراثة، فالسكري للنوع الأول لديه مكون وراثي ضعيف مقارنة بالنوع الثاني، واحتمالية انتقاله إلى الابناء تعتمد على عوامل متعددة، لكنها ليست حتمية، أما سكري النوع الثاني، فإنه يحمل مكوناً وراثياً أقوى بكثير.
وحول مدى توفر العلاج في المستشفيات والعيادات الشعبية العراقية لأطفال مرضى السكري، قال الدكتور إبراهيم محمود الرجب: العلاجات الأساسية لمرضى سكري الأطفال متوفرة، وتشمل: الإنسولين بنوعيه (الصافي والخابط)، عبر العيادات الشعبية والمستشفيات الحكومية، والبعض من المستشفيات التخصصية توفر مضخات الإنسولين، أو الأنواع الحديثة من الإنسولين طويل وقصير الأمد، ولكن بشكل محدود وبحاجة لدعم أكبر، ولهذا نواجه بعض التحديات من نقص أنواع الإنسولين الحديثة عالية الجودة، التي تم اكتشافها مؤخراً بصيغة الأقلام بدل الحقن والسرنجات، تليها محدودية توفر أجهزة قياس السكر المنزلي الحديثة، وأشرطة الفحص بالمجان، وكذلك ضعف برامج التثقيف الصحي لمرضى السكري وعوائلهم، وهذه مهمة جداً للتحكم بالمرض، ومع هذا فإلنظام الصحي العراقي يبذل جهوداً كبيرة من خلال المستشفيات والمراكز الصحية، في التشخيص المبكر والغربلة والتثقيف، وتطوير القدرات لمقدمي الخدمة الطبية والصحية، وإننا نطمح بتعاون أشمل مع المنظمات الدولية لتحسين توفير العلاج والرعاية لمصابي السكري، في المراكز التخصصية العراقية.
وختم الدكتور الرجب حديثه: رسالتي كطبيب أسرة، وكإنسان يحيا هموم مجتمعه، أن أدعو كل أبٍ وأمٍّ بأن يكونوا الدرع الأول لحماية أطفالهم، فالسكري ليس مجرد مرضٍ بل رسالة تنبيه لنا جميعاً بالإهتمام بأسلوب حياتنا وصحة صغارنا، كما وأدعو كل عائلة عراقية أن تعزز في بيتها ثقافة الغذاء الصحي، والنشاط البدني، والمراقبة المستمرة لصحة الأطفال، خصوصاً لمن لديهم تأريخ وراثي، وأؤكد أن التشخيص المبكر، والإلتزام بالعلاج، والتثقيف الصحي، هو السبيل ليعيش الطفل المصاب بالسكري حياةً طبيعية مليئة بالأمل والإنجاز./ انتهى ت
ليصلك المزيد من الأخبار اشترك بقناتنا على التليغرام